بناء المساكن بواسطة الطابعة ثلاثية الأبعاد - من الحلم إلى الواقع :
انطلقت فكرة بناء المساكن بواسطة الطابعة ثلاثية الأبعاد سنة 2004 عندما أنجز أحد أساتذة الصناعة و النظم الهندسية بجامعة كاليفورنيا الجنوبية طابعة قادرة على بناء جدار عن طريق نفث الخرسانة لتكوين طبقات متراصة وفق نموذج ثلاثي الأبعاد لينتقل بعد ذلك إلى إبراز مزايا هذه التقنية من ربح للأموال و الاقتصاد في المواد و تفادي فواضل البناء والاستغناء عن السقالات و اقتصار الآجال و الحد من المشقة و المخاطر و حوادث الشغل و إنجاز الأشكال المعقدة، و التحكم في التلوث السمعي.
اشتغلت أنظمة اليقظة للشركات العملاقة للبناء و المقاولات و التقطت المعلومة بالسرعة المطلوبة و أيقنت بعد الإطلاع على أهمية الفكرة و جديتها بأن المستقبل سيكون لهذه التقنية التي سرعان ما بدأت بالانتشار حيث يقدّر أن تحصد سوقها مبالغ تقدر حوالي 56 مليون دولار أفق سنة 2021 .
و في سنة 2014 سرقت الشركة الصينية "وين سان للديكور و الهندسة" الأضواء بالكشف عن بناء أو بالأحرى طباعة مساكن تغطي 200 م2 لا يستغرق انجاز الواحد منها أكثر من يوم و ذلك باستعمال طابعة طولها 32 م و عرضها 10 م و علوها 6،6 م. يكون "مدادها" خرسانة من الإسمنت و الرمل و ألياف البلور.
و قد اتبعت جل الشركات المصنعة للطابعات ثلاثية الأبعاد نفس النموذج التقني و نفس المواد الخرسانية تقريبا مع بعض الاختلافات الشكلية من ذلك استعمال الفرنسيين : جامعة نانت و شركتي "لافارج هولسيم" و "بويقاس للبناء" جدارين من المواد العازلة لإحاطة الجدار الخرساني و حمايته مع بقية الهيكل الحديدي ، و استعمال الإيطالي "انريكو ديني" لرابط سائل يربط طبقات من الرمل المرصفة وفق سمك معينة
منافسة بين الدول لصناعة الطابعة - التجارب و التطبيقات:
عمل الإيطاليون من خلال تظاهراتهم التقنية و العلمية على إبراز نتائج التجديد و الابتكار التي توصلوا إليها لاستغلال تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد للحصول على بناء أكثر استدامة، في حين سعت جمعية في أوستن عاصمة ولاية تكساس الأمريكية إلى بناء قرية ذات 100 مسكن لاحتضان عائلات سلفادورية تقيم في أحياء قصديرية ، و قد ربحت الجمعية الرهان حيث قامت بنقل الطابعة إلى مكان العمل بالسلفادور وشرعت في إنجاز القسط الأول المتمثل في 50 منزلا.
PUB :Nos recommandations d'articles en soldes :
LIHAOPING 45 Résistant SB SD SDX C12-10-110 C16-16-100 Chanfreinage Outils CNC Tour Fraise Support Endmill éventuelles MW09 SCstuff éventuelles MG;
🔗Cliquer & Acheter: https://s.click.aliexpress.com/e/_EHCNKrx
أما فرنسا فقد اختارت تقنية البناء بالطابعة ثلاثية الأبعاد للمساهمة في النهوض بالسكن الاجتماعي و بناء دور للمسنين و دور حضانة أطفال مقتصدة للطاقة مع احترام تام للبيئة بتحقيق صفر فواضل في مواد البناء، بالإضافة إلى تجهيزها بلاقطات لقياس جودة الهواء و الرطوبة و الحرارة و العزل الصوتي مما مكنها من حيازة شهادة المركز العلمي و التقني للبناء.
أمريكا ذهبت إلى تطوير هذه التقنية و تطويعها لخيال المعماريين اللامتناهي و استغلال تقنية الطابعة لتنفيذ الأعمال التي يستحيل انجازها بالطرق التقليدية أو التي تصرف أموالا باهضة و يتطلب إنجازها وقتا طويلا. و بالفعل فقد توفقت إحدى الشركات إلى صناعة طابعة مكنتها من إنجاز مشروع معماري حائز على جائزة أول عمل لمنزل مستقبلي يمسح 93 م2 و يتكون من قاعة جلوس و حمام و قاعة نوم . كما أن وكالة الفضاء ناسا قد ذهبت بعيدا و أعدت طابعة للمساهمة في تخفيف أزمة السكن فوق الأرض بإنجاز مساكن فوق المريخ و القمر !!!
أهم مصنعي الطابعات والمشاريع الواعدة الأخرى : جسور و ناطحات سحاب ...
أمام هذه الآفاق الواعدة و بشائر اتساع سوقها، سارعت عديد الشركات لصناعة طابعات تنافس بعضها البعض بفضل ميزاتها و خصائصها الفنية و قد تجاوزت طباعة المنازل إلى تشييد الجسور و المحولات و ناطحات السحاب.
ولعل من أبرز مصنعي هذه التجهيزات:
- شركة Apis Cor الروسية التي طورت طابعة قطبية طولها 4،5 م و عرضها و علوها 1،5 م بما يمكن من نقلها بسهولة بواسطة رافعة بناء و من تثبيتها في موقع البناء خلال نصف ساعة . مساحة طباعتها 132 م2 و يمكنها إنجاز منزل خلال 24 ساعة.
- شركة WASP الإيطالية التي صنعت أعلى طابعة : 12 م و عرض 7 م و لها أذرع يمكن تركيبها لتبلغ 6 م. و قد صممتها خصيصا لأسواق للبلدان النامية لتمكينهم من استعمال المواد المحلية مثل الأطيان والتربة و التبن و القش.
- شركةWinsun الصينية التي صممت طابعة طولها 32 م و عرضها 10 م و علوها 6،6 م وقد أنجزت مشروعها الأول في شنغهاي ثم طبعت مكاتب في دبي و هي تستعد الآن مع أحد شركائها لبناء نفق لأسرع قطار في العالم.
- شركة Cazza Construction الأمريكية التي استعملت طابعتها المجهزة بذراع قادرة على حمل 90 كغ من مواد البناء مع مدى أمامي بين 3،9 م و 4،7 م ، و قد اختارت دبي لإنجاز أول ناطحة سحاب باتباع تقنيات التصنيع المضافة.
تقنية بين الرفض و التأييد : مهن مهددة و أخرى واعدة
كما حال ولادة كل تقنية حديثة، هناك مؤيد و رافض لدواعي عديدة ، ففى الجهة الأولى يرى المؤيدون أن الطباعة ثلاثية الأبعاد للمنازل بإمكانها إيجاد الحلول الكفيلة بتجاوز أزمة السكن التي تعاني منها عديد الدول بفضل ضغطها على الأسعار ليتمتع الجميع بحقهم في سكن يحترم البيئة و يعتمد على مصادر الطاقات المتجددة المتوفرة محليا.
كما يتفق المختصون في الطباعة ثلاثية الأبعاد الخرسانية على أن التكنولوجيا ستحول المهن دون القضاء عليها، و أن المهن سوف تتطور من المهندس المعماري إلى البناء الذي سيصبح عاملا في البناء. و في نهاية المطاف فإن السلسلة الرقمية الإجمالية ستشهد تبسيطا، وسيكون العملة الحاملون لشهادة البكالوريا في قطاع البناء البنائين الرقميين ، وقائدي الروبوت. لتكون هذه الطابعات في الأخير أدوات للإنسان وليست بديله له.
في الجهة المقابلة، يرى الرافضون بأن عملية طباعة المبنى ثلاثي الأبعاد لا يُعترف بها حاليًا كطريقة بناء وفقًا للقوانين والمعايير المعمول بها، بالإضافة إلى أن هذه طريقة لم تثبت جدارته بما يمكن السلطات العامة من اعتبارها عملية بناء حقيقية. و يبقى الشاغل الرئيسي هو ما إذا كانت هذه الهياكل قوية بالفعل ويمكن أن تتحمل أي نوع من عوامل البيئة الخارجية.
أما في الجانب الإجتماعي فإن هذه التقنية قد جلبت بالتصنيع الإضافي الكثير من الوظائف الجديدة ، فإن السؤال المطروح هو:
ماذا عن العمال الذين يعملون في مواقع البناء؟ هل ستؤدي أتمتة حضائر البناء إلى إحالة العديد من الوظائف ذات المهارات المتدنية على البطالة ؟ و ما هي الاختصاصات و المهارات المطلوبة لاستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد في موقع العمل؟
هكذا يرى المؤيدون و هكذا يجيبهم المعارضون و لعل الحل يأتي من داخل شركات و مقاولات البناء التي قد تشهد تحولا سلسا باستبدال تجهيزاتها التقليدية واعتماد التكنولوجيات الحديثة ... لننتظر و نرى.
خيرالدين المسعودي